جمعة عبد المعبود جازان اليوم - يحيى حمدى:
إذا كان الثناء على الأحياء أمرا محمودا إن كان حقا , فإن ذكر محاسن الراحلين والحديث عنهم هو عنوان الوفاء وقمة الإيفاء , فضلا عن أنه يكون سببا للاقتداء بهم , أما الأهم من ذلك فهو : الدعاء لهم عند ذكر محاسنهم وأعمالهم المباركة , وسجاياهم الندية ,وصنائعهم الجميلة التي قدموها في حياتهم , إن الرثاء والثناء والذكر الحسن لهؤلاء الراحلين يجيء من منطلق : أن الناس شهود الله في أرضه
وينسكب الألم في نفوسنا حين نطوي صفحات الأيام مستذكرين معها رحيل الأخيار , ويزيد الألم عندما يكون الراحل من الأصدقاء الملازميين لك والذين يكتنزون من السجايا أعلاها ومن الأخلاق أسماها ، ومؤلم أكثر أن تكون بالأمس معه في حديث لا تزال نبرات صوته ترن بين أذنيك وبين جدران قلبك ماذا قال المشرف التربوي شاكر بن محمد نجمي عندما وصله خبر وفاة زميله المشرف التربوي موسى عبدالله مهدي حمدي يوم : الثلاثاء الموافق : ٢٩/٨/١٤٣٦
الساعة : التاسعة والنصف صباحاً
قال خبر : انتقال الأستاذ الفاضل موسى حمدي إلى رحمة الله
خبر محزن ونبأ مفزع وحدث مؤلم كان كالصاعقة التي تخيلت معها أنني في حلم ولست في حال اليقظة فأعدت قراءة الخبر مرةً ومرتين وثلاثاً عندها تجلت الحقيقة المرة إنه الأجل المحتوم إنه القضاء والقدر هكذا هي نهاية هذه الحياة :
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها
وعلّ الردى مما نرجيه أقرب
هذا هو الباب الذي سيدخله الكل وهذا هو اليوم الذي غادرنا فيه الزميل العزيز والصديق الحميم والأخ الفاضل الأستاذ موسى عبدالله مهدي حمدي أبو عبدالمحسن إلى جوار ربه هذا الرجل الذي أجد نفسي عاجزاً في الحديث عنه وعن شيء من المواقف التي جمعتني به في فترة ليست بالطويلة في زمنها ولكنها عظيمة في تفاصيلها وأحداثها وهي الفترة التي زاملته فيها بمكتب التربية والتعليم بمحافظة صامطة وخاصة حين كلفنا معاً بالتدريب المركزي في المشروع الشامل لتطوير المناهج .
كنت أسمع عن الأستاذ موسى حمدي وعن ذكائه وتفوقه وعن تميزه وتألقه سواء أيام دراسته أو بعد تعيينه وممارسته للعمل في التربية والتعليم وكنت أعرفه عن بعد بحكم قلة لقاءاتنا إلا في المناسبات وبعض الاجتماعات أحياناً ثم أراد الله أن نلتقي في العمل في الإشراف التربوي بمكتب التربية والتعليم بمحافظة صامطة فعرفت الرجل عن قرب ورأيت فيه ما كنت أسمعه عنه من النباهة والذكاء والتميز والإبداع فكان إضافة رائعة لشعبة اللغة العربية في المكتب لما يملكه من خبرة تربوية واسعة وحب للعمل وحرص على التميز والإبداع مع ما كان يكلف به من أعمال إضافية من خلال إدارة المكتب في مجال التخطيط الذي كان متمكناً فيه بسبب تخصصه فيه أثناء دراسته للماجستير وقد زاد ارتباطي بالأستاذ موسى حينما تم تكليفنا بالتدريب المركزي في المشروع الشامل لتطوير المناهج على مدار ما يقارب ثلاث سنوات فكانت تلك الفترة من أجمل الفترات التي مرت علي في حياتي التعليمية وقد كان من محاسن هذا المشروع أن جمع بيني وبينه في الغربة والسفر والسكن معاً عندما كنا نتلقى التدريب على الحقائب في الرياض فوجدت في هذا الرجل كل معاني الأخوة الصادقة لا تراه إلا مبتسماً بشوشاً متواضعاً كريماً وكان يعاملنا أنا وزميله الأستاذ عبدالله عسيري بكل أدب واحترام بل كان يؤثرنا على نفسه في كثير من الأحيان وعند عودتنا للتدريب كنا نقوم معاً بتدريب معلمي الصفوف الأولية لمدة أربعة أيام مناصفة بيني وبينه كل في مجال تخصصه فكان محبوباً من المعلمين حيث كان يمتلك المهارة الفائقة في التواصل مع المتدربين وحسن الترتيب والتنظيم والحرص على الحضور المبكر وعندما بدأ يعاني من المرض في بعض الأيام كنت أطلب منه أن يرتاح قليلاً أو يجلس أثناء التدريب إلا أنه يرفض ذلك وأشهد الله تعالى أنه كان حريصاً على العمل أكثر من حرصه على صحته وأنه كان يبذل أقصى ما في وسعه لإتمام ما يسند إليه من عمل وإتقانه على أتم وجه .
هذه بعض الشذرات والمقتطفات السريعة من خلال علاقتي بأبي عبدالمحسن خلال هذه المدة الوجيزة .
أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا على فراقك يا أبا عبدالمحسن لمحزونون .
شاكر بن محمد نجمي
أبو عاصم