محمد الرياني
التمسوا لها العذر ، باتت تحرث الأرض حرثا ،لم تهدأ ، يمناها تسلم ،ترحب ،تباشر ، تقدم الخدمة ،تحتضن ، ويسراها تساعد ، عيناها تبرق من الفرحة، تهمي من البشر ، لا وقت لديها للتوقف لمسح الدموع ، دموع الفرح حضرت المشهد الجميل ، الطاولات البيضاء ملأت القاعة الواسعة، جميع الحاضرات كن على موعد معها ، لم تخيب ظنهن فلم يستأثر بها أخريات دون أخريات ، تعبت لدرجة أن نظرات الإشفاق كانت بادية على وجوه المدعوات ، همس تحول إلى صوت مسموع ؛ لم لاترحم هذه المرأة نفسها ، ومع هذا فهي مستمرة في إشعار صديقاتها بأهميتهن ، الليل الطويل بكافة أحداثه وهي كالنحلة من خلية إلى خلية ، ومن مكان إلى مكان ، فرحتها الأولى أنستها التعب ، ليل العرس الأول كان مضيئا في ليلة أحاط بها الظلام ، ابنتها الكبرى هي التي صنعت هذا التعب ، جعلت من أمها التي لاتزال في عمر القوة تستنفر كل قواها ليراها الجميع نجمة عرس تتحرك في فضاء الفرح إلى جوار العروس التي استقرت في مكان واحد تنظر بعين إلى أمها وبأخرى إلى جو الفرح ، ليلة فاتنة كانت في العرس الخالد ، مضى معظم الليل ، اقترب الصباح وأم العروس تودع وتشكر ، بعضهن نصحها بالاهتمام بصحتها ، وأن تخلد إلى الراحة بعد إرهاق تجاوز الحد ، خلت القاعة من الصخب والثياب الملونة ، باستثناء قريبات ، شعرت بالإعياء بعد ليل طويل مرهق ، غادرت العروس القاعة بعد قبلات وداع مؤثرة ، تراجعت قليلا نحو عمود عريض انتصب في المنتصف ، وضعت ظهرها بمحاذاته ملاصقا له ، أغمضت عينيها ، المغادرات أخيرا كن يشرن إليها مسكينة أم ..... نامت من التعب وهي واقفة ، سمعت بعضا من الهمس والأحرف الذابلة مثل جسدها المنهك ، رأت أن النوم على تلك الحالة يعادل فرحتها ، آخر المغادرات احتضنتها مع العمود ، سحبتها برفق للخارج وهي تنظر إلى مكان الاحتفال ، ربما لن تنام على سريرها ؛ فالفرح أعظم من النوم عند أم تنام واقفة من التعب الذي ارتدى فستان الفرح .